قال أمين الزاوي، الكاتب والروائي الجزائري، إن القراءة الأخلاقية للأعمال الإبداعية تشكل ضغطا كبيرا على المؤلفين في المنطقة، مذكرا بروايته المعروفة “السماء الثامنة” والجدل الكبير الذي أثارته رغم أن قصده بعيد تماما عمّا فهمه الناس منها.

وأضاف الزاوي الذي كان يتحدث ضمن فعاليات اليوم الثاني من مهرجان تويزا بطنجة، مساء الجمعة، أن الكاتب الذي يراقب ما يدونه، سيجد نفسه دون إبداع، رافضا استحضار معطيات الرقابة الدينية أو المجتمعية أو كذلك الجوائز المالية في هذا الباب.

وأشار الكاتب باللغتين العربية والفرنسية إلى أن الكاتب العربي يعاني من الرقابة التي يكرسها تصور شعبوي للدين، رافضا الأحكام المسبقة على الأدب وعدم القدرة على التفريق بين الكتابة الدينية والرواية وكذلك الكاتب والشخصية الروائية.

وسجل الزاوي أن الرواية في عمقها كتابة سياقية عفوية ولا يمكن أن تكون خطاطة، مشيرا إلى أنه يعالج المواضيع بالجرأة نفسها باللغتين العربية والفرنسية، فهو لا يخون القارئ، لكن لا بد من الإشارة إلى أن المطلع باللغة الفرنسية أكثر تقبلا للكتابات الجريئة.

والسبب، وفق الروائي الجزائري، هو اعتياد هذا القارئ على هذه الكتابات، مسجلا أنه رغم ذلك فكل اللغات جميلة، وحتى اللغة العربية التي تحمل ثقافة ضاغطة لديها كتاب يقاومون ذاكرة التراجع، منهم مثلا أدونيس ويوسف الصديق، وغيرهما من المبدعين.

وأورد الزاوي أن الفلاسفة الذين يفتخر بهم المسلمون هم كذلك عاشوا قهرا لكنهم قاوموا من داخل هذه اللغة، معتبرا أن عمق المشكل ليس في العربية أو المثقف، بل في المؤسسات الثقافية التي تعاني القمع والدكتاتورية والكبت في المنطقة.

وأكد الزاوي أن الفرنسية حاضرة بقوة في الأدب الجزائري، حيث أصبحت هذه اللغة جزءا من التركيبة الثقافية لهذا البلد، مستدركا بأن “الكتابة بالفرنسية، لكنّ الروح جزائرية وبعيدة عن الغرائبية”، وقال: “الكتاب الجزائريون يكتبون ببنية لغوية مختلفة عن الكتاب الفرنسيين”.

وأردف مؤلف رواية “صهيل الجسد” أن اللغة الفرنسية ليست ملكا للفرنسيين، وكذلك العربية ليست ملكا للعرب، منبها إلى أن الكتاب المغاربيين والأفارقة خدموا كثيرا الفرنسية، معتبرا أن تنامي الكتابة باللغة الفرنسية يوازيه كذلك حضور للغتين العربية والأمازيغية.

وفي حديثه عن المقدس في الإبداع، قال الزاوي إن الأمر مرتبط بثقافة الشعوب، لكنه يتسم بالجهل ويتم ربطه بالخرافة، مذكرا بـ”انتشار قصص تبرز ملامح الصحابة في الجزائر وتصوير جبران خليل جبران للرسول محمد في أحد كتاباته دون جدل، الآن كل ذلك اختفى”، يضيف الكاتب الجزائري.

وشدد المتحدث على أن دخول الإسلام السياسي ساحة الإبداع والتعليم والتفكير قلص من حرية المشاهدة والمتعة والفضول والجمال وكذا المغامرة، مسجلا أن كل الشعوب تحتاج إلى المقدس؛ فهو من باب التأمل لكن وجب تخليصه من الخرافة عبر الاستعانة بالمعرفة والفكر الفلسفي.

واعتبر الزاوي أنه لا حدود حمراء تجاه تناول المقدس سوى الجهل، مؤكدا ضرورة الدراية قبل الحديث في السياسة والدين والجنس، وغيرها من المواضيع، وقال: “وجب الاطلاع والبحث في الأمور بشكل جيد قبل الخوض فيها”.

وعرج المتحدث على موضوع المرأة ومعاناتها من النزعات الذكورية في المنطقة، لكنه نبه إلى كون هذه الايديولوجيا حاضرة كذلك في صفوف النساء، معتبرا إعاقة المرأة إعاقة كبيرة للمجتمع بأكمله.