تعيش منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، على غرار مختلف جهات العالم، تحولات كبرى على مختلف المستويات. مما يطرح عدة تساؤلات حول العوامل الحاسمة في هذه التحولات.

ومما لا شك فيه أن ما يحدث من حولنا لا يمكن أن يكون نتيجة عامل وحيد، قد يكون اقتصاديا، أو سياسيا، أو جيو- سياسيا، أو ثقافيا، أو دينيا. بل هو نتاج تداخل متشابك بين هذه العوامل كلها، داخل حلبة لا تخضع للقواعد المحلية والإقليمية فحسب، وإنما تتلاعب فيها الحسابات الكوسموبوليتية، وتتصارع حولها المصالح العابرة للدول والحضارات المختلفة.

إن ما يدور في هذه الرقعة الجغرافية، التي كانت وماتزال، بؤرة للتوتر، ومطمعا للقوى الكبرى المتحكمة في مصير البشرية، اقتصاديا وسياسيا ومعرفيا وتكنولوجيا، يستدعي منا فتح المجال أمام إعادة طرح الأسئلة الحارقة، وتبادل الأطاريح والأفكار حول مصير الأفراد والتجمعات البشرية في هذه الرقعة الممزقة من العالم.

لا يليق بزماننا طرح السؤال المستهلك: لماذا تقدم الغرب وتأخرنا نحن؟ لأن التقدم في حد ذاته أصبح مفهوما غارقا في النسبية، ومتجاوزا في الحكم على الحضارات والثقافات. فالغرب نفسه، يضيق عليه الخناق أمام زحف عمالقة شرق آسيا.

إن أسئلة اليوم لم تعد نفسها أسئلة الأجداد والآباء. والمعضلات الثقافية والهوياتية والوجودية حتى، أصبحت أعوص وأخطر من معضلات الأمس. والأجوبة التي ورثناها عن الماضي، مشكوك في أمرها. فهي إما ماضوية نكوصية، أو اغترابية بدون ذوق ولا جدوى.

 قد تكون هذه مجرد أحكام قيمة، قد تحتمل الصدق والكذب، لكن واقع الحال يقر بضعف، إن لم يكن الغياب التام، الأنساق الفكرية والمشاريع الثقافية والإبداعية التي تنفخ الروح في الجيل الحالي والأجيال القادمة، فوق أرض تتنازعها التناقضات والمفارقات.

مما لا شك فيه أن التقلبات الثقافية والتربوية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمناخية والمعرفية، تعصف بالمنظومات القيمية السائدة، والتي استكان إليها العالم دهرا من الزمن.. ثم بدأ كل شيء يتغير حولنا ويقلق وجودنا ويسائل مستقبلنا.. ومن هذا الإحساس القلق، انبثقت رغبة إدارة مهرجان ثويزا في برمجة ندوة فكرية حول هذه الحاجة لمشروع ثقافي جديد، يكون بديلا لما عشناه وعايشناه من مشاريع ثقافية طبعت تاريخ الناس منذ عصر النهضة، أفلس بعضها وفشل البعض الاخر، ومازال قليل منها يترنح لعله يجد من يعطف عليه، وسط محيط تتقاذف فيه أمواج الثورات التقنية والرقمية العاتية …

ولطرح المزيد من الأسئلة، وإثارة الانتباه إلى الخطر الداهم الذي يتربص بفضائنا الجغرافي، وبمشتركنا الفكري والثقافي، وربما لتلمس بعض الومضات من معالم هذا المشروع البديل الممكن. تلتئم على منصة مهرجان ثويزا بطنجة، بعض من ضمائر مشهدنا الفكري والأدبي والثقافي، لتعمق جراح الأسئلة، وربما لتغامر بتقديم بعض من الأجوبة.. لتتكلم عن “انحسار دور الفكر: الأسباب والنتائج”.

  • أدونيس (شاعر وناقد وأكاديمي ومفكر سوري)؛
  • عبد القادر الشاوي (باحث وروائي مغربي، معتقل سياسي سابق)؛
  • إبراهيم الكوني (كاتب وروائي ومؤرخ من طوارق ليبيا)؛
  • أمين الزاوي (كاتب ومفكر وروائي جزائري)؛
  • محمد رجاء فرحات (كاتب ومسرحي تونسي)؛
  • أحمد عصيد (كاتب وشاعر مغربي وباحث في الثقافة الأمازيغية).