أود أن أدلي برأيي بخصوص ندوة شكري اللاأخلاقي. إن هذه الكلمة بالتحديد أو هذا التوصيف شد انتباهي. في نظري، إن ما نسميه “الأخلاقيات” لا تعني بالضرورة المثالية، إنها بالأحرى طريق من الممكن أن نسلكه أو نحيد عنه. وبالفعل، ثمة العديد من الناس الذين لم يسلكوها ومع ذلك فإن هذا لم يمنعهم من أن يصيروا عظماء. فلنذكر كنموذج الشاعر أبو نواس والشاعر شارل بودلير، وغيرهم الكثير من المبدعين الملاعين كما يُطلق عليهم. ورغم ذلك فإنهم حظوا بمحبة الناس..
إذن، كوني أعرف إلى حد ما منظمي هذا المهرجان وهذه الندوة،أعتقد أن ما يقصدونه بعنوان “اللاأخلاقي” هو ذاك الذي يخرج عن النهج المألوف وعن كل ما هو متعارف عليه، والذي عوض ذلك يختار أن يكتشف طرقا ومسالك أكثر تحررا وغير تقليدية. باختصار، أعتقد أن هذا هو القصد من وراء كلمة “اللاأخلاقي”، لذا فإن هذا العنوان لا يهدف أبدا إلى الانتقاص من موهبة الكبير محمد شكري، الذي كانت تربطه صداقة وثيقة بمعظم منظمي المهرجان.
إن محمد شكري يحظى بتقدير معظم الساكنة الطنجية، وأقول معظم لأنه ما من شخص بمستطاعه أن ينال إجماع كل الناس. فثمة بعض الناس الذين يلقون اللوم على شكري ويعيبون طريقة عيشه وطريقة كتابته، رغم مرور سنين على وفاته، في حين هناك أناس آخرون معجبون به حد القول إن “كتاباته اللاأخلاقية” هي خالدة للأبد..
إن محمد شكري خالد ولا ريب في ذلك، إنه بالنسبة إلي يتماهى مع نجم هارب قد يحدث بعض الأضرار أثناء مساره وخلال عبوره للسماء، وهذا المسار هو الذي جعل شكري يصير ما كان وما آل إليه، وأقتبس هذه الكلمات من أغنية “المَسْعى” للمطرب جاك بريل. إن المبدع شكري، ذاك النجم الهارب، سيظل معروفا وراسخا بفلسفته الحياتية والفنية الخاصة التي اعتنقها منذ البداية، وبالحركة الإبداعية التي نهجها ضد الجمود..